loader image

شاعر الشهر : إيليا أبوماضي – يناير 2021م

سيرة الشاعر:
إيليا ضاهر أبوماضي.
ولد في قرية المحيدثة (جبل لبنان)، وتوفي في نيويورك.
عاش في لبنان، ثم مصر، واستقر في المهجر الشمالي (الولايات المتحدة الأمريكية).
تلقى قدراً محدوداً من التعليم بمدرسة قريته (المحيدثة) ومدرسة بكفيا القريبة منها، وفي الحادية عشرة من عمره غادر إلى الإسكندرية (1900) ليبيع السجائر نهاراً، ويحاول اللحاق بالتعليم ليلاً، ثم هاجر – مرة أخرى – إلى أمريكا فعمل مع أخيه في التجارة بمدينة سنسناتي، ثم استقر في نيويورك ليعمل في الصحافة (1916) فأسهم في تحرير مجلتي: «الحرية» و«الفتاة»، وبعدها انصرف إلى تحرير جريدة «مرآة الغرب»، وفي عام 1929 أصدر مجلة «السمير»، وفي عام 1936 حولها إلى جريدة يومية، حتى وفاته.
انضم إلى «الرابطة القلمية» (1920 – 191) وكان من أبرز أعضائها: جبران، ورشيد أيوب، ونسيب عريضة، وأبوماضي، وكانت تصدر مجلة «السائح الأسبوعية».
مثل صحافة المهجر الشمالي في مؤتمر اليونسكو الذي عقد في بيروت عام 1948 .
منحته الحكومة اللبنانية وسام الأرز، ووسام الاستحقاق، ومنحته الحكومة السورية وسام الاستحقاق، كما نال وسام القبر المقدس الأرثوذكسي.
من أهم من كتب عنه: شوقي ضيف، وإحسان عباس، ومحمد يوسف نجم، وأحمد زكي أبوشادي، وعيسى الناعوري، وسلمى الجيوسي، ومحمد عبدالغني حسن.
الإنتاج الشعري:
– له خمسة دواوين: «تذكار الماضي»: الإسكندرية 1911، و«ديوان إيليا أبي ماضي» (جـ2) – نيويورك 1918 – قدم له جبران خليل جبران، و«الجداول»: مطبعة مرآة الغرب، نيويورك 1927 – قدم له ميخائيل نعيمة – ومطبعة الكمال بمصر، و« الخمائل»: نيويورك 1947 ، و«تبر وتراب»: دار العلم للملايين. بيروت 1960 ، ثم صدرت «المجموعة الكاملة» تحت عنوان: «ديوان إيليا أبوماضي: شاعر المهجر الأكبر»، دار العودة – بيروت 1996 .
يعد إيليا أبوماضي أحد أركان الشعر المهجري، وأحد ملامح التجديد في الشعر العربي الحديث، لقد خلصت القصيدة عنده للموضوع الواحد، والعاطفة المسيطرة، فهي حنين، أو تساؤل، أوقلق، أو إفضاء بذات النفس، أو عشق للوطن.. وفي إطار الغرض الواحد تدرجت أبيات القصيدة، أو مقاطعها وفق بناء يحكمه فكر وشعور، فهي بنية متماسكة بقوة المنطق، وحين نصل إلى اللفظ فإنه قد اختير بعناية فائقة ليحل في موقعه محملاً بأقوى الدلالات وأمكنها في السياق بحيث لا يتفوق عليه في موقعه لفظ آخر، ومع هذا الاعتناء باللفظ، والبناء، ظل المعنى – الفلسفي – في شعر أبي ماضي واضحاً مفهوماً لا يتوارى خلف الغموض، ولا يضرب في متاهات العبث، فجمع شعره بين البساطة والوضوح من جانب، وعمق المعنى وتكامل البناء من جانب آخر، كما اتسع لانعكاس أحداث عصره وحياة مجتمعه،
في الوقت الذي عبر فيه عن فكره ونفسه وسعيه إلى الخلاص الروحي، عبر نزعة إنسانية مكينة.
مصادر الدراسة:
1 – إحسان عباس ومحمد يوسف نجم:الشعر العربي في المهجر – أمريكا الشمالية – دار بيروت، دار صادر – بيروت 1957 .
2 – أنس داود: التجديد في شعر المهجر – دار الكاتب العربي للطباعة والنشر – القاهرة (د.ت).
3 – جورج صيدح: أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأمريكية – معهد الدراسات العربية العالية – القاهرة 1956 .
4 – زهير ميرزا: إيليا أبوماضي: شاعر المهجر الأكبر – دار اليقظة العربية – دمشق (د.ت).
5 – سلمى الخضراء الجيوسي: الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث (ترجمة عبدالواحد لؤلؤة ) اتحاد كتاب وأدباء الإمارات – الشارقة 1996 .
6 – عبدالحكيم بلبع: حركة التجديد الشعري في المهجر – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 1980 .
7 – عيسى الناعوري: أدب المهجر (ط2) – دار المعارف بمصر 1959 .
8 – نادرة جميل السراج: شعراء الرابطة القلمية – دار المعارف بمصر 1964.

عناوين القصائد:
وطــن النجـــوم
المساء
ابتسم

من قصيدة :المساء
السحبُ تركض في الفضاء الرحب ركضَ الخائفينْ
والشمسُ تبدو خلفها صفراءَ عاصبةَ الجبينْ
والبحرُ ساجٍ صامتٌ فيه خشوعُ الزاهدين
لكنما عيناكِ باهتتان في الأفق البعيدْ
سلمى! بماذا تفكرينْ؟
سلمى! بماذا تحلمين؟
أرأيتِ أحلامَ الطفولة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتِ أن يأتي الدجى الجاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنما
أظلالُها في ناظريكِ
تنم ّيا سلمى عليكِ
إني أراكِ كسائحٍ في القفر ضلَّ عن الطريقْ
يرجو صديقاً في الفلاة وأين في القفر الصديق؟
يهوى البروقَ وضوءها ويخاف تخدعه البروق
بل أنتِ أعظمُ حيرةً من فارسٍ تحت القتامْ
لا يستطيع الانتصارْ
ولا يطيق الانكسارْ
هذي الهواجسُ لم تكن مرسومةً في مقلتيكِ
فلقد رأيتُكِ في الضحى ورأيته في وجنتيك
لكنْ وجدتك في المساء وضعتِ رأسَك في يديك
وجلستِ في عينيكِ ألغازٌ وفي النفس اكتئابْ
مثل اكتئاب العاشقينْ
سلمى! بماذا تفكرينْ؟
بالأرض كيف هوت عروش النورِ عن هضباتها؟
أم بالمروج الخضرِ ساد الصمتُ في جنباتها؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى وكناتها؟
أم بالمسا؟ إن المسا يُخفي المدائنَ كالقرى
والكوخُ كالقصر المكينْ
والشوك مثل الياسمين
لا فرقَِ عند الليل بين النهر والمستنقع
يُخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجِّع
إن الجمال يغيب مثل القبحِ تحت البرقع
لكنْ لماذا تجزعين على النهار؟ وللدجى
أحلامُه ورغائبُهْ
وسماؤه وكواكبهْ؟
إن كان قد ستر البلادَ سهولَها ووعورها
لم يسلبِ الزهَر الأريج ولا المياهَ خريرها
كلا، ولا منع النسائمَ في الفضاء مسيرَها
ما زال في الورق الحفيفُ وفي الصَّبا أنفاسها
والعندليبُ صداحه
لا ظفره وجناحه
فاصغي إلى صوت الجداول جارياتٍ في السفوحْ
واستنشقي الأزهارَ في الجنّات ما دامت تفوح
وتمتعي بالشهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل أن يأتي زمانٌ كالضباب أو الدخانْ
لا تُبصرين به الغديرْ
ولا يلذ لك الخريرْ
لتكن حياتُكِ كلُّها أملاً جميلاً طيّبا
ولتملأ الأحلام نفسَكِ في الكهولة والصِّبا
مثل الكواكب في السماء وكالأزاهر في الربى
ليكن بأمر الحبِّ قلبُكِ عالماً في ذاتهِ
أزهارُه لا تذبلُ
ونجومه لا تأفلُ
مات النهارُ ابن الصباح فلا تقولي كيف ماتْ
إن التأمل في الحياةَ يزيد أوجاعَ الحياة
فدعي الكآبةَ والأسى واسترجعي مرح الفتاة
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهلّلا
فيه البشاشةُ والبهاءْ
ليكنْ كذلك في المساءْ

Scroll to Top